غرباء في عالم غريب


Unknown | 2:44:00 ص |

http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRsRdyPY21MlS9JshH7N4xxooenffEUnCPw2B0QYzmEk599TnMQpW9dMw
ابتعد عنّي أنت غريب.
صاحَ بهذه العبارةِ طفلٌ لشيخِ احدودبَ ظهره،
وابيّضَ شعرهُ مثلَ قلبه !
نظرةُ انكسارٍ نمت في عينيّ الشيخ:
لكن يا بني أردتُ أن أعيدَ قطعة الحلوى التي سقطت منك !
صاح الطفل مناديًا أمّه و كأنّ ( غولًا ) متوحشًا أراد قضمَ يديه بعدَ أن شجّ رأسه:
ماما أخذَ هذا العجوز الشريرُ الحلوى التي اشتراها لي بابا،
رمت الأمّ بنظرةٍ للشيخِ كأنّها خنجرٌ مسموم، أحسستُ أنا بألمهِ قبله،
لكنّه بكلّ لطف مدّ قطعة الحلوى، بابتسامةٍ أحلى منها: قد أسقطـ ...
وقبل أن يكمل، لا نريدُها إن كنتَ تحبّ الحلوى لهذه الدرجة فافتح لكَ مصنعًا
وكلّ منه العدد الذي تشاء، هتفت بذلك بكل سخرية و أمسكت بيد ابنها و غابا،
أو أنا التي أحببتُ أن يختفيا فلم أرحب بوجودهم..
راقبتُ ذلك و السكون يملؤني وحديثٌ يتردد في نفسي ما علاقتي بهم
أنا لا أعرفُ الشيخ كي أدافع عنه، ولا أعرفُ الطفل كي أوبخه، ولا أعرفُ الأمّ كي أقنعها،
أصدقُ ما قال الطفل: أنت غريب.
أقبلَ عليّ الشيخ، وكما كان قبل قليل،
بنظرةٍ يشوبها كلّ ما لا تتخيلهُ وما تتخيلهُ من ألم، و ابتسامةٌ بريئة وبلا استئذانٍ ابتدأ الحديث:
لم يرزقني الله بأطفال، ماتت زوجتي منذُ سنين لم تخلف سوى ذكرياتٍ تحومُ بالرأس،
لم تنجب لي أيّ طفل،
أحبُّ الأطفال لذا افتتحتُ مصنعًا للحلوى، إنّ هذه الحلوى من إنتاج مصنعي،
أحببتُ أن أرى ابتسامةَ الطفل وأمّه لذا كنتُ صبورًا،
لا بأسَ أنا غريبٌ بالنسبةِ لهم...
نهضتُّ من على الكرسيّ وبابتسامة عريضة:
آسفة لكنّي غريبة، و أنتَ غريب فلا شيء عندي لأقوله.
ختامًا :
علمنا أهلنا مذ كنّا صغارًا أن نبتسمَ في وجه الغرباء،
وأن لا نبوحَ لهم بشيء !
مشكلتنا أننا أصبحنا نرى هذا العالم غريبًا،
وكلّ الذين نقابلهم عن طريق هذا الغريب غرباء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق